أحد .. أحد
عَفّر جبينك في القراب المضرم *** والحق بركب العالم المستسلم
عفَّر جبينك واحتكم للمنتهى *** واشمخ على شهقات جرح مؤلم
وابك استحالة أمة مختارة *** وجهاً لمضمار الحياة المظلم
واسكب أحاحك في قوالب شاعر *** يجد اشتعالك في الفرائص والدم
تذروه ريح قيامة شعرية *** حزناً عليك أخي الصغير المعدم
يا للقصيدة ! هل تُرى بركانها *** يبقى على جسد الأديب الملهم
الله يشهد أن كل جوانحي *** نزافة لعذاب طفل مسلم
وأخال نازعة القصيدة أنطقت *** كل الضلوع وكل عضو أبكم
الله من وهج القصيدة حينما *** أجد انبلاج مخاضها كالبلسم
عَفّر خدودك لا أرى في هذه *** خيراً وقد حفلت بأخرى مأتم
عَفّر خدودك لا تسل عن أمة *** وهوية فلرب رّدّ مفحم
ماتت هنالك أو تناست ذاتها *** ويلمَّ عاشقة الدجى والطلسم
وابك الخصاصة إنما تشكو سدى *** للحاكم العربي أو للأعجمي
مادت سجايا الذل في آفاقنا *** بذيول عهد مثل لونك أدهم
لا زلت تصرخ في غيابة موطن *** هو بالمجاعة والمخافة مفعم
ستموت مسغبة وذلاً أينما *** ولّيت وجه بلائك المستحكم
وتموت تجويعاً وصمتاً قاتلاً *** مهما احتفيت بظالم أو حاكم
وتموت في ( الصومال ) ميتة معدم *** وتموت في ( بغداد ) ميتة متخم
وتموت في الأقصى مصابيح الهدى *** كرهاً فيُفقد نور كل الأنجم
وعلى ذرى القدس الشريف كما ترى *** شارون يفتك بالفريق الأيهم
الخصم يقتلني لذنب واحد *** هو أن للإسلام ذاتي ينتمي
حاولت تُسلس كل عرق جائع *** للباذلين أكف ليث ضرغم
كم جائع في الأرض، كم من مسلم *** يشري الرغيف بكل قول محكم
ها أنت تجثو شامخاً فوق الثرى *** يا للعقيدة والسجود المكرم !
عَفّر خدودك في صعيد مثقل *** ملء الهشيم بحلمك المتحطم
عَفّر خدودك لاهجاً : " أحد أحد " *** فالكل سلم بالهوان المبرم
واسجد لربك شاكراً مستنصراً *** به للجياع وعبده المستعصم
تركوك وحدك للعُقاب وللجوى *** عارٍ ، ولا من مشرب أو مطعم
تهوي النسور إليك قبل المنتهى *** فتظل ناظرة إلى أن ترتمي
ميتاً ، وتصبح جثة – يا للنهى ! - *** أفضت إلى القدر العظيم الأكرم
يدنو العُقاب ودونه استحياؤه *** فيراك تلهج بالدعاء الخاتم
يأبى – وإن أكل الرميمة لاحقاً - *** أن يعتدي شططاً على مستسلم
يأبى – وإن كانت له قدراته - *** قتل البريء وقهر شخص معدم
تلكم رسالته إلى كل الورى *** خُص بالإشارة كل وغد ظالم
جوعاً تموت وكم هنا من مؤمن *** ترفاً يموت على تخوم الدرهم
يا ذمة الله ابرأي من قومنا *** من مؤمني زمنٍ فظيعٍ مبهم
محمد نعمان الحكيمي – تعز