بيلمار يطلب التجديد للجنة التحقيق في اغتيال الحريري وفرنسا تؤكد «اختفاء» زهير الصديق ... الملك عبدالله يناقش والسنيورة أزمة لبنان عشية قمته مع مبارك في شرم الشيخنيويورك , بيروت، باريس، دمشق، واشنطن، الرياض - راغدة درغام الحياة - 09/04/08//
استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مساء أمس رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة الذي وصل الى الرياض في إطار جولته على عدد من العواصم العربية. وعرض السنيورة، خلال اللقاء، الأسباب التي أملت على لبنان الغياب عن القمة العربية في دمشق، والتشاور مع القادة العرب في إمكان دعوة وزراء الخارجية العرب الى اجتماع طارئ، للنظر في ما آلت إليه الجهود لتطبيق المبادرة العربية من اجل تسوية الأزمة في لبنان.
الملك عبدالله والسنيورة خلال محادثاتهما أمس في الرياض. (واس)
وافادت «وكالة الانباء السعودية، ان الملك عبدالله والسنيورة بحثا، خلال جلسة المحادثات التي عقدت في القصر الملكي في الرياض «آفاق التعاون بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين». وأقام خادم الحرمين الشريفين مأدبة عشاء تكريماً لرئيس الوزراء اللبناني والوفد المرافق له. وعُلم ان السنيورة التقى رئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري في العاصمة السعودية، قبل ان يكمل جولته العربية التي ستشمل البحرين بعد قطر.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن السفير اللبناني مروان ان المحادثات بين الملك عبدالله والسنيورة تناولت «سبل استعادة لبنان لعافيته وانتخاب رئيس للجمهورية». واضاف ان «الملك (عبدالله) اكد للسنيورة استمرار دعم المملكة للبنان واستقلاله وسيادته واستمرار دعمها لخطة الجامعة العربية التي تقضي بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية».
ومن المقرر ان تعقد اليوم في شرم الشيخ قمة سعودية - مصرية، يبحث خلالها الملك عبدالله والرئيس مبارك في الازمة اللبنانية والاوضاع الفلسطينية والعراقية. وصرح السفير السعودي في القاهرة هشام ناظر ان هذه القمة «تكتسب أهمية بالغة في ضوء التحديات التي تواجه المنطقة العربية، لاسيما تطورات الأوضاع في كل من لبنان والأراضي الفلسطينية والعراق، وهي تطورات تحمل في طياتها مخاطر وتهديدات لأمن المنطقة واستقرارها»، مؤكدا «حرص القيادتين السعودية والمصرية على استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين لمعالجة كل الملفات الساخنة».
في غضون ذلك، دخلت باريس ودمشق بقوة أمس على خط الأزمة اللبنانية، من باب انضمامهما الى السجال الدائر في شأن دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى استئناف الحوار في البرلمان. وفيما دعمت دمشق هذا الحوار شدد على ان «المبادرة العربية لا تتضمن انتخاب الرئيس (اللبناني) ليقود الحوار، والمطالبة بذلك تشكل خروجاً على المبادرة التي لا تزال أساس الحل»، في رد مباشر على تعليق السنيورة على مبادرة بري، سأل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، في رد على سؤال عن هذه الدعوة: «لماذا يغلق بري البرلمان، ولماذا ألغى الجلسات الـ17 لانتخاب الرئيس، ولماذا لا يستفيد من كونه رئيس مجلس نواب شرعي ومنتخب، لجمع كل ممثلي الشعب والطوائف من مسيحيين ومسلمين ودروز، ولماذا لا يفتح البرلمان؟».
وسئل كوشنير هل دعا بري لزيارة فرنسا، فأجاب: «لم أدعُ بري الى فرنسا، من قال ذلك؟».
ورأى الوزير في مؤتمر صحافي عقده في باريس، ان قضية تسلح «حزب الله» تجاوزت الساحة الداخلية اللبنانية، وأن «هذه القضية التي يدركها العالم كله جدية جداً». وزاد ان «منشآت حزب الله في لبنان قضية جدية فعلاً، وينبغي العودة بهذا البلد الى حوار من الصعب جداً ان يعود». وتابع كوشنير رداً على سؤال لـ «الحياة»: «كنا أول من دعا حزب الله الى فرنسا، لأننا مقتنعون بأنه ينبغي التحاور مع الجميع، وكما قلت حاولنا مع إيران وخاب أملنا، ولكن تنبغي العودة الى الحوار في لبنان، والكلام عن مبادرة فرنسية في هذه المرحلة بلا أساس».
وعما تردد من ان الشاهد السوري محمد زهير الصديق في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري، اختفى من الأراضي الفرنسية، قال كوشنير: «الصديق اختفى من الأراضي الفرنسية، هذا ما علمته الآن، وأنا أول من يأسف لذلك، لا أعرف في أي ظروف اختفى. كان في السابق موضوعاً في الإقامة الجبرية».
بيلمار ومجلس الامن
وفي نيويورك، طلب القاضي الكندي دانيال بيلمار رئيس لجنة التحقيق الدولية والمكلف مهمات الإدعاء العام في المحكمة الخاصة بلبنان، من مجلس الأمن أمس الثلثاء تمديد ولاية اللجنة الى ما بعد موعد انتهاء ولايتها الحالية، منتصف حزيران (يونيو) المقبل، مؤكداً أنه ليس جاهزاً للانتقال الى الإدعاء العام ولا التحقيق على وشك الانتهاء.
وأوضح بيلمار اللغط الذي تركه في تقريره الى الامين العام للامم المتحدة باستخدامه تعبير «الشبكة الإجرامية» عند وصفه شبكة اغتيال الحريري، الأمر الذي ترك انطباع بأنه يعتبر هذه الجرائم الإرهابية من فعل شبكة مافيا أو ما يشابهها. وقال: «يجب ان تتم قراءة هذه الكلمات في إطار التقرير بكامله، والذي يشير بوضوح الى ان هذا تحقيق في الإرهاب، ومسار التحقيق لم يتغير أبداً، إذ ان اللجنة ما زالت تحقق في جرائم ذات دوافع سياسية».
وأبرز بيلمار في إحاطته الشفوية أمام مجلس الأمن في ساعة متقدمة أمس، والتي وزعت الأمم المتحدة نسخة مسبقة عنها قبل الجلسة، انه «فيما اشارت التقارير السابقة الى نظرية وجود شبكة، فإن الجديد هذه المرة هو اننا الآن نملك الأدلة على الوجود الفعلي لمثل هذه الشبكة ولروابطها». وأضاف ان اللجنة جمعت ايضاً «الأدلة» التي تثبت ان «شبكة الحريري» كانت موجودة قبل اغتياله، وانها راقبته قبل ذلك، وانها كانت «تعمل» يوم اغتياله وان «على الأقل، جزءا من هذه الشبكة مستمر في الوجود بالعمل ما بعد اغتيال الحريري».
وبحسب يبلمار، إن «أولوياتنا الآن هي جمع المزيد من الأدلة حول شبكة الحريري، لجهة أبعادها وهوية جميع المشاركين فيها وروابطهم خارج الشبكة وأدوارهم في الهجمات». وقال ان «اللجنة مستمرة في التحقيق في الروابط المحتملة بين الهجمات الأخرى» في اشارة الى الاغتيالات ومحاولات الاغتيال الاخرى التي وقعت في لبنان وبين قضية الحريري.
وحذر من «توقعات الرأي العام العالية» التي رافقت اجراء انشاء المحكمة الدولية، والتي «لربما تركت الانطباع بأن الانتهاء من التحقيق أصبح وشيكاً». وأشار إلى أن «الافتراضات العلنية حول توقيت صدور قرارات ظنية محتملة قد تكون أيضاً ساهمت في ارتفاع التوقعات... ان أي وهم بالفورية يجب ازالته. فالتقدم الذي نحرزه ليس بطيئاً ولا هو فوراً، انه مدروس».
وتعهد بيلمار أن اللجنة «لن يردعها العنف المستمر» المتمثل في اغتيالات سياسية مستمرة، بل «على العكس، فإن كل هجوم سيضاعف عزم رجال ونساء العاملين في اللجنة من 60 دولة، والذين تجاوبوا مع طلب المساعدة والتزموا قطعاً بانهاء زمن الافلات من العقاب في لبنان». وفيما كرر تمنيه على مجلس الأمن والرأي العام أن بتفهم حاجته للوقت، أكد أنه يعتزم تجنب «التأخير غير الضروري في العثور على الحقيقة»، ومحاكمة الضالعين في الجرائم.
وفي ما يتعلق بالانتقال من التحقيق إلى الادعاء العام، قال بيلمار إن «لا أحد يمكنه أن يتنبأ أو يُملي الفترة الزمنية التي ستستغرقها هذه العملية». وأكد أنه تقدمه بالادعاءات الظنية، بصفته المدعي العام، «لن يكون فورياً في عقاب انشاء المحكمة»، لكن الفترة الزمنية بين تفعيل أعمال المحكمة وبين التقدم بالقرارات الظنية «يجب أن تكون أقصر ما يمكن».
وفي واشنطن، أكدت مصادر ديبلوماسية غربية لـ»الحياة» أن بيلمار سيصل يزور هذا الأسبوع العاصمة الاميركية، في أول زيارة له منذ توليه مهمات منصبه، للقاء مسؤولين في البيت الأبيض والخارجية واطلاعهم على التقدم في تشكيل المحكمة الدولية.